الأربعاء، ٢٤ مارس ٢٠١٠
طالب الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة "المشرف على مؤسسة الإسلام اليوم" ببرامج عملية لنصرة القدس والمسجد الأقصى والتعريف بهما، خاصة لدى الناشئة من الأطفال والشباب، في المدرسة والبيت، وقال: إن هذه البرامج سيكون لها أثر كبير في نفوس الناشئة، مشدداً على ضرورة وجود خارطة طريق للعرب والمسلمين لنصرة القدس والمسجد الأقصى، فالأمنيات فقط لا يجوز أن تكون هي التي تحكمنا، وأكد الشيخ العودة تكاتف الجميع أفراداً ومؤسسات، شعوباً وحكومات للدفاع عن القدس ضد مخططات التهويد التي تقوم بها الحكومات الصهيونية المتعاقبة، التي تستهدف هوية المدينة، جاء ذلك في الندوة الثانية لـ"ملتقى القدس"، والتي أدارها الدكتور سعيد بن مطر العتيبي أستاذ السياسة الشرعية بالمعهد العالي للقضاء، وشارك فيها كل من الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة والمفكر الإسلامي الدكتور عبد الحليم عويس.
في بداية الندوة قدم الدكتور العتيبي المشاركين، وتحدث عن دورهما في التعريف بقضية القدس والمسجد الأقصى، من خلال استعراض مؤلفاتهما وما كتباه عن القضية الفلسطينية .
وتحدث الدكتور عبد الحليم عويس عن القدس " المستقبل الوضيء والعودة الكريمة" فقال: إن القدس كانت عربية إسلامية وكانت مدينة الصراع والسلام في سياق واحد، كما أبيد اليهود في القدس، وحرثت وأصبحت مزرعة وخرج منها اليهود عبيداً أو أشباه عبيد، وكلما عادوا إليها غدروا بمن ساعدهم على العودة فطرودهم منها شر طردة وكانوا دائماً ينحون باللائمة على الله إلههم " يهوذا " الذي أبرم العقد معهم على أن يعبدوه شريطة أن يعمل لصالحهم ولم لا ؟! أليس هو الإله الذي هزمه إسرائيل – يعقوب أبو يوسف عليهما السلام وظل يصارعه الليل كله، ولم يترك عنق الله إلا بعد أن بارك الله يعقوب وسماه ( إسرائيل ) أي الرجل المبارك !!!.
وقال الدكتور عويس لم يقف اليهود في التاريخ مع أنفسهم وقفة متأنية حتى في أكثر عصور المحن ولم يدرسوا أخطاءهم، واستمروا في عنادهم واستكبارهم وطغيانهم.
وقال الدكتور عبدالحليم إن مأساة الإنسانية اليوم تتحدد في موقفين:
الأول : هو موقف أهل التوراة أو " العهد القديم" القوي أو المنظم والفاعل والمؤثر في المحيط العالمي كله، وسعيهم الدائب بكل أسباب القوة والهيمنة .
الثاني: موقف المسلمين "أهل القرآن " المنهزم والمتخاذل والمتآكل داخلياُ، والمتصارع بين أجزائه سياسياً وفكرياً !!
وهذا يجعل أصحاب الموقف الأول يمتدون في فراغهم من دون مقاومة تذكر ومن دون وجود حقيقي للطرف الآخر يلفت إليه أنظار العالم الذي يشعر بالأزمة الإنسانية المعاصرة ويكتوي بنارها، ويكاد يبصر آفاق المستقبل المظلم الذي ينتظره.
وليس ثمة أمل في إنقاذ سفينة البشرية إلا بيقظة إسلامية تكفل وعي المسلمين بذاتهم وحقيقتهم ورسالتهم، بصفتهم أمة شاهدة على الناس،ابتعثها الله لتخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة .
وتطرق الدكتور عويس إلى ثوابت الإيمان بعودة المسجد الأقصى للمسلمين وقال: إنني أومن بأن القدس ستعود للمسلمين، وفلسطين كلها، تلك التي باركها الله، منطلقاً من ثوابتي الإسلامية والتاريخية العقلية الآتية:
ففي القرآن الكريم آيات محكمات هي جزء من إيماني، وتقول لي إن المستقبل لهذا الدين: " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " التوبة الآية32. / الصف الآية 9.
" هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً " الفتح الآية 28 .
أما في السنة فقد ورد في الحديث الصحيح قوله عليه الصلاة والسلام" لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم يا عبدالله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود " صحيح مسلم/ 2922 .
والدليل التاريخي ما ثبت أن الأيام دول، قال تعالى:" وتلك الأيام نداولها بين الناس"، وقد رأينا الإمبراطوريات تنهار، فالإمبراطورية الرومانية عاشت خمسة قرون تصارع الموت، ثم سقط ذكرها " جيبون" في كتابه " سقوط الإمبراطورية الغربية".
واختتم الدكتور عويس بقوله: إننا نحترم كل الأديان في أصولها الصحيحة ونؤمن بها في مستواها النقي النظيف الذي نزلت به من عند الله، وهذا المستوى النقي يلتقي كله مع العقل السليم والمنطق السليم والفطرة الإنسانية النقية .
ثم تحدث الشيخ سلمان العودة فقال: إن العدوان على المقدسات الإسلامية في القدس والأراضي المحتلة لم يتوقف، مذكراً بمحاولة حرق المسجد الأقصى وزعم السلطات الإسرائيلية أن من قام بالعمل مخبول، وكذلك من قام بإطلاق النار على المصلين في المسجد الإبراهيمي قالوا عنه إنه "مضطرب نفسياً، وهكذا يبررون لمن يقوم بأعمال القتل والإرهاب، وأنا أتحفظ على من يقولون إن الحكومة الإسرائيلية متطرفة، لأنها إفراز مجتمع كله متطرف، وهو كيان كله متطرف.
وحذر الشيخ سلمان العودة من المساس بالمقدسات الإسلامية مطالباً بدور عربي وإسلامي فاعل لحمايتها مشيراً إلى القرار الأخير للحكومة الإسرائيلية بضم المسجد الإبراهيمي إلى التراث اليهودي بذريعة ترميمه، وقال: إن هؤلاء هم يحاصرون ويمنعون المسلمين من القيام بترميم وصيانة المسجد الإبراهيمي.
وقال الشيخ العودة إن القدس حظيت باهتمام كبير من قبل المفكرين والمؤرخين والباحثين، وقد تم حصر أكثر من سبعة آلاف دراسة وكتاب وبحث عن القدس هذا غير آلاف المقالات والتقارير والتحليلات والتحقيقات عن القدس، وأشار إلى أن القدس غيرت ثيابها 18 مرة عبر التاريخ، وغُزيت 36 مرة، ومكثت تحت يد الصليبيين 90 سنة، وبعد ذلك فتحها المسلمون، ثم احتلها البريطانيون وسلموها للعصابات الصهيونية بعد وعد بلفور.
وقال الشيخ العودة: إن اليهود يسعون الآن لتهويد المدينة، فبنوا حولها أحزمة استيطانية، ويحاولون توسيع المستوطنات حولها لتغيير جغرافيتها وديموغرافيتها السكانية، فلما احتلوا القدس كانت نسبة العرب 86% من السكان، وكان اليهود يشكلون 14% أما الآن فقد انعكس الوضع بسبب سياسات التهويد الاستيطانية والتضييق والحرب التي تمارس على الوجود العربي والإسلامي في المدينة فصارت نسبة اليهود 86% و نسبة العرب لا تتجاوز الـ 14% .
وطالب الشيخ العودة بخارطة طريق للتعريف بالقدس والمسجد الأقصى ومكانتها تبدأ بالناشئة, والشباب وطلاب المراحل التعليمية المختلفة، كأن تنظم ورش عمل لتعريفهم بالقدس ومكانتها، وأن يوجه هؤلاء للاهتمام بالقدس والمسجد الأقصى فيضعون صور القدس على شاشات أجهزة الحاسوب الخاصة بهم، وأن يكون هناك لعب أطفال تعرف الطفل بمعلومات بسيطة عن القدس، وأن تكون خريطة القدس في كل بيت، وإصدار مجموعة كتيبات بسيطة تحكي تاريخ القدس ومكانة المسجد الأقصى وإنتاج البرامج المسموعة والمرئية وتداول المعلومات في مواقع الشات والمنتديات والمواقع عن القدس والأقصى، وقال الشيخ العودة إن الأمنيات وحدها لا تكفي ولكن لا بد من إستراتيجية شاملة تعرف بالقدس والمسجد الأقصى.
0 comments:
إرسال تعليق